التنظيمات الشيعية في العراق واليمن وسوريا

أولاً: الشيعة في العراق

النشأة:

كان العراق وما يزال المركز الأصليّ للشيعة في العالم الإسلاميّ حتّى بعد تأسيس الدولة الصفويّة في إيران. وتعود بدايات التشيّع في العراق إلى ما قبل هجرة الإمام (عليّ بن أبي طالب) إلى الكوفة، أيّ إلى زمن هجرة قبيلة (هَمْدان وبني النَّخَع) من جنوب جزيرة العرب إلى العراق. وكان هؤلاء قد عرفوا أمير المؤمنين (علي) في السنوات الأخيرة من عمر النبيّ ﷺ، وأسلموا على يده حين بعثه النبيّ إلى اليمن. فيما اتخذ الإمام (علي) من العراق، والكوفة تحديداً مركزاً لخلافته.

ولكن منذ منتصف القرن الثامن عشر، وحتى سقوط الملكية في العراق عام 1958، أصبحت النجف وكربلاء معقل المذهب الشيعي، حيث احتضنت النجف أكبر جامعة علمية للشيعة، وهي الحوزة العلمية.

وبهما كذلك تمّ دفن أغلبية أئمة الشيعة، وبذلك يقوم الشيعة من كل أنحاء العالم بالتوافد بالملايين سنوياً لمدينتي النجف وكربلاء نظراً لوجود مراقد أهل البيت وأئمة الشيعة، وهي مدن مقدسة عند الشيعة، وتقطن بها أيضاً أكبر المرجعيات الشيعية في العالم.

وشيعة العراق هم أتباع مذهب الاثني عشرية، ويشكلون الغالبية من سكان العراق حيث تقدر نسبتهم ما بين (60 إلى 65%) من سكان العراق، وأغلبهم من العرب ثم التركمان مع أقلية من الأكراد والشبك. وارتبط اسم العراق ارتباطاً وثيقاً بالإسلام الشيعي، حيث أن العديد من الأحداث المكونة للتاريخ الشيعي وأدبياته قد حدثت فوق أرض العراق. فيما غدت طبيعة الإسلام الشيعي عموماً في العراق، متماهية بالثقافة الإيرانية، والقيم الاجتماعية الإيرانية.

أماكن وجود الشيعة في العراق، وطبيعة دورهم في التاريخ المعاصر:

ظهرت الحركات الشيعية في العراق في منطقة الفرات الأوسط مثل الكوفة والحلة، اللتين ظلتا مدينتين شيعيتين حتى العصر الحديث، بخلاف البصرة التي اشتهرت كمدينة سنية حتى القرن العشرين. وكانت بغداد مقسّمة في العصور الوسطى إلى جهة شيعية هي الكرخ، وأخرى سنية هي الرصافة، وكانت مسرحاً للاشتباكات والمعارك بين الطائفتين منذ بداية العصر العباسي مروراً بالحكم البويهي والسلجوقي، وحتى سقوط الدولة العباسية على يد المغول سنة 656هـ-1258م،  وبالرغم من سيطرة الشيعة على الحكم أثناء حكم البويهيين فإنّ التشيع ظل محصوراً في مدن معينة، وظل غالبية سكان العراق على المذهب السني حتى انهيار الدولة العباسية.

وتُشير بعض التقارير إلى أنّ محافظات: كربلاء، والديوانيّة، والحلّة، والعمارة، والكوت يقطنها الشيعة. وأنّ محافظتَي: السليمانيّة وأربيل، يقطنهما السنّة من أتباع المذهب الشافعيّ. أمّا محافظة الموصل فيغلب على سكّانها الانتماء للمذهب الشافعيّ والحنبليّ. وأمّا محافظة كركوك فغالب سكّانها من أتباع المذهب الشافعيّ.

ويقطن محافظة ديالى أكثريّة شيعيّة، ويسكنها أيضاً طائفة من السنّة من أتباع المذهب الحنفيّ. كما يقطن العاصمة بغداد ومحافظة البصرة أكثريّة شيعيّة، وينتمي أهل السنّة فيهما إلى المذاهب السنيّة الأربعة. ويسكن منطقة الدِّلَيم أكثريّة سنيّة، ويوجد فيها طائفة شيعيّة قليلة، وينتمي السنّة في هذه المنطقة إلى المذهبَين الحنفيّ والشافعيّ. وتنتمي القبائل التي تقطن على ضفاف دجلة والفرات في وسط العراق وجنوبه إلى المذهب الشيعي.

كما عمل الشيعة في التاريخ المعاصر على تسهيل الاحتلال الأميركي والإيراني للعراق عام 2003، وإسقاط نظام الرئيس (صدام حسين) وتولي السلطة مع نظام الاحتلال.

وبعدها برزت أكثر من 50 من الميليشيات الشيعية التي تقوم بالتجنيد والقتال في العراق. وهذه الجماعات تقوم بعمليات التجنيد بنشاط، حيث تأخذ الرجال بعيداً عن الجيش والشرطة العراقية، وتوظفهم كمقاتلين في منظمات طائفية لغاية أيديولوجية، ومعادية للولايات المتحدة بشكل متطرف. ومعظم هؤلاء المجندين لا يتم استخدامهم ببساطة في إبعاد الجهاديين السنة، ولكن، وفي كثير من الحالات، في تشكيل الحرس الخلفي المستخدم للسيطرة على المناطق التي من المفترض أن تكون تحت سيطرة بغداد. وجعلت هذه الميليشيات الشيعية من نفسها جزءاً لا يتجزّأ من هياكل الحكومة العراقية، وبالتالي أصبحت هذه الحكومة تعتمد على قوة هذه الميليشيات إلى الدرجة التي لا تستطيع معها حتى التفكير في تضييق الخناق عليه.

ومن أهم هذه المليشيات الشيعية:

فيلق بدر: تأسس في طهران عام 1981، من قِبل المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، على يد: محمد باقر الحكيم، الذي اغتيل في العراق عام 2003، ويتزعمه حالياً: هادي العامري، نائب في البرلمان ووزير النقل ومسؤول ملف ديالى الأمني، وقائد عمليات الزحف على المحافظات. ويقدر عدد مقاتليه بـ 12 ألف مقاتلاً، انخرط معظمهم في مؤسسات الدولة الأمنية “وزارة الداخلية والدفاع وجهاز الاستخبارات”. وبالتالي فهم يتحركون الآن بصفتهم الرسمية.

بعد سقوط نينوى بيد قوات “تنظيم الدولة” تولى هادي العامري وبأمر من رئيس الوزراء السابق: نوري المالكي، الإشراف على العمليات العسكرية في محافظة ديالى، وظهر العامري عدة مرات بمرافقة قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وهما يخوضان المعارك ضد “تنظيم الدولة”، في حين يُتهمان بأنهما يعملان على إحداث تغير ديمغرافي في محافظة ديالى من خلال تهجير سكانها وحرق المساجد والبيوت.

جيش المهدي: تأسس عام 2003، بعد الاحتلال الأميركي للعراق، ويُعد الجناح المسلح للتيار الصدري، ويتزعمه: مقتدى الصدر. ويقدر عدد أعضائه بـ 60 ألف شخص، اشتهر عنه سابقاً معاركه ضد القوات الأميركية في محافظة النجف، وانتهت بتسليم أسلحته للجنة عراقية-أميركية. كذلك نشط في الأحداث الطائفية التي مر بها العراق عام 2006، واُتهم بأنه مارس القتل على الهوية، واستهدف الأئمة والخطباء والمساجد في بغداد وغيرها.

وفي يونيو 2014 عاد جيش المهدي إلى الواجهة ولكن باسم “سرايا السلام”، وأقام استعراضاً عسكرياً كبيراً في بغداد، شارك فيه الآلاف وهم يحملون الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، والمفاجأة كانت بحمله لصواريخ “مقتدى واحد” والتي يُعتقد أنه تلقاها من إيران.

عصائب أهل الحق: أول تشكيل لها كان تحت اسم “المجاميع الخاصة”، كفصيل منضوٍ تحت جيش المهدي، كان يقودها القيادي في التيار الصدري: قيس الخزعلي. وفي عام 2006 عملت “المجاميع الخاصة” بشكل مستقل عن التيار الصدري -خاصة بعد قرار تجميده-، وفي عام 2007 انشق الخزعلي عن تياره الصدري مكوِّناً “عصائب أهل الحق”، وتبعه في ذلك نحو 3000 من المقاتلين. وعلى إثر ذلك تأزمت العلاقة بين الخزعلي والصدر، وطالب الأخير إيران بوقف تمويله، بعد أن اتهمه بـ “ارتكاب جرائم طائفية”. وخاطبهم: “كفاني وكفا الصدر شر أعمالكم فلستم لي ولا لآبائي تنتمون”. وفي عام 2011 أعلنت “العصائب” تخليها عن العمل المسلح والانضمام للعملية السياسية.

وكان الخزعلي ذا حظوة عند رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، إلا أن “العصائب” عادت من جديد لتمارس نشاطها العسكري في بغداد وديالى على وجه الخصوص. وتمتاز “العصائب” بتسليح عالٍ، وإمكانيات مادية  تصل لخمسة ملايين دولار شهرياً؛ بسبب قربها من قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني (أتى على ذكر ذلك، رئيس أركان الجيش الأميركي راي أوديرنو). ويُقدر عدد أعضائها الآن بنحو 10.000 مقاتل يتوزعون بين العراق وسوريا، وتوصف بأنها من أشد الجماعات تشدداً على مخالفيها، ويضم هذا الفصيل أربعة تشكيلات عسكرية هي: كتائب الإمام علي، كتائب الإمام الكاظم، كتائب الإمام الهادي، وكتائب الإمام العسكري.

لواء أبو الفضل العباس: تأسس عام 2011 بالتزامن مع اندلاع الاحتجاجات السورية ضد نظام (بشار الأسد)، وأعلن عن تأسيسه المرجع الشيعي قاسم الطائي، ويقوده: علاء الكعبي. وكان الهدف من تأسيسه هو مساعدة النظام السوري و”الدفاع عن مرقد السيدة زينب بدمشق وحمايته”. وكانت هذه الميليشيات قد قامت بالعديد من المذابح ضد السنة في العراق بعد سقوط نظام (صدام حسين).

أبرز قيادات الشيعة المعاصرين في العراق:

مرجع عراقي من أصول إيرانية، حيث ولد في مدينة مشهد، ثم رحل إلى العراق للدراسة في حوزة النجف،  واستقرّ فيها إلى أن تصدّى للمرجعية سنة 1992 بعد وفاة أستاذه” أبو القاسم الخوئي“. ويعد اليوم أحد أشهر مراجع الشيعة في العالم، وله وكلاء وممثلين في العديد من دول العالم

علي السيستاني

مرجع عراقي، من كبار المرجعيات الدينية في النجف، وثاني أكبر المرجعيات العراقية وفقاً لبعض الإحصائيات، وهو سليل أسرة آل الحكيم، فهو ابن محمد علي الحكيم، الذي كان من رجال الدين وأئمة الجماعة ومُدرّسي الحوزة لفترة طويلة في النجف

محمد سعيد الحكيم

مرجع عراقي، من أصول هندية-باكستانية، ولد في فترة الحكم البريطاني للهند بمدينة جالندهر الواقعة بولاية البنجاب في شمال الهند، وقد هاجر إلى النجف واستقرّ فيها وصار فيها من كبار المراجع     بشير حسين النجيفي

يسكن حالياً في كربلاء، درس عند السيد محمد الصدر والسيد السيستاني والشيخ الفياض، ويعتبر أبرز من دافع عن مدرسة السيد محمد باقر الصدر والصرخي، لديه العديد من المؤلفات الأصولية والفقهية والعقائدية وغير ذلك، أبرزها: الفكر المتين بأجزائه الأربعة محمود الحسني الصرخي

محمد موسى محمد علي يعقوب جعفر اليعقوبي (1960-)، من المراجع العراقيين المقيمين في النجف، تبوّأ المرجعية بعد وفاة أستاذه محمد محمد صادق الصدر الذي يُنسب إليه أنه أرشد مُقلّديه بتقليده بعد وفاته، أحد هؤلاء الثلاثة: كاظم الحائري، والفياض، واليعقوبي.

محمد اليعقوبي

مرجع شيعي عراقي، مقيم حالياً بمدينة قم الإيرانية. اشتهر بمناظراته العقائدية مع المذاهب والفرق الأخرى عبر برامجه التلفزيونية مثل برنامجي: مطارحات في العقيدة، والأطروحة المهدوية، اللذين يبثان على قناة الكوثر.   كمال الحيدري

ثانياً: الشيعة في سوريا

النشأة:

ترجع جذور التّشيع في سوريا إلى القرن الأول الهجري، إلا أنه أخذ في الانتشار في القرن الرابع الهجري، مع سيطرة الدولة الحمدانية (الشيعية) على حلب، واستمر خلال عهد الدولة الفاطمية (الشيعية الإسماعيلية)، التي حكمت مصر، ومدت سيطرتها إلى بلاد الشام خلال القرن الخامس الهجري (969-1172م).

ولكن مع بداية الدولة الأيوبية بدأ التشيع في سوريا بالانحسار بسبب محاربته (1171-1250م)، وكذا أيام الدولة العثمانية (1517-1798م) تمت محاربته، إلى أن أصبح الشيعة (الإثني عشرية) بحلول القرن العشرين، أقلية صغيرة للغاية في سوريا.

الطوائف الشيعية في سوريا، وأماكن وجودها:

الاثنا عشرية الجعفرية: ظهرت في أوائل ظهور الدعوة الإسلامية في سوريا، وتوجد في بضعة قرى وبلدات في محافظة إدلب، مثلاً: الفوعة وکفریا.وكذلك في بعض قرى حلب، مثل: نبل والزهراء. أما في محافظة حمص، فهم ضمن مدينة حمص بالإضافة إلى حوالي (56) قرية وبلدة مثل: الدلبوز، أم العمد، جنينات، وغيرها. وتعد مدينة نبل أكبر تجمع للشيعة الإثنى عشرية في سوريا، حيث يبلغ تعداد سكانها (400) ألف نسمة.

كما يتواجدون في حي الأمين والجورة في دمشق القديمة، الذين كانا تاريخياً مكان سكن الشيعة في مدينة دمشق. ويوجد في حي الأمين، مسجد الإمام علي بن أبي طالب، ومسجد الزهراء، والمدرسة المحسنية العريقة. كما توجد أعداد قليلة في مناطق أخرى من سوريا، مثل: بصرى، والرقة، والساحل. يضاف إلى بعض الحالات الفردية من المتحوّلين للمذهب الشيعي.

الإسماعيليون: أحد فروع المذهب الشيعي، وتعتبر مدينة السَلمية، التي تقع على بعد ثلاثين كيلومتراً إلى الشرق من مدينة حماة في وسط سوريا، عاصمة الطائفة الإسماعيلية، في عموم الشرق الأوسط.

العلويون: يعرفون أيضاً بالنصيريين، وهم ينتمون اسمياً للطائفة الشيعية ويمثلون نسبة (10%) فقط من السكان، وهي الطائفة الدينية نفسها التي ينتمي إليها الرئيس الحالي (بشار الأسد). وينتشر العلويون في سوريا بشكل أساسي في الجبال الساحلية للاذقية، من عكار جنوباً، إلى طوروس شمالاً، وينتمون للطائفة الشيعية الاثني عشرية، ويتوزّع بعضهم في محافظات حمص وحماة ودمشق وحوران ولواء الاسكندرون.

عُرِف العلويون بعدة أسماء، منها: “النصيريون”، نسبة لمحمد بن نصير البكري النميري، الذي كان من معاصري الإمام الحسن العسكري، وقد عرفوا أيضاً بـ “الخصيبية” نسبة إلى (الحسين بن حمدان الخصيبي).

العلويون هم فئة يُؤلِّهون الإمام (علي بن أبي طالب)، ويظهر هذا جليّاً حتى في أقوالهم وفي حياتهم اليومية، كما أن سيرتهم وأخلاقهم يدعوان بشكل ملحّ إلى عدم لصقهم بالشيعة الإمامية الاثني عشرية الجعفرية، فمعاقرة الخمور، وسب الذات الإلهية، والفحش والفجور من أبرز سماتهم، كما أن مشايخهم حللوا لهم كثيرا مما يحرّم عند الشيعة بلا أدنى خلاف. كما أن بعض من اطلع من الشيعة سرًّا على مخطوطاتهم، يتبين له بشكل واضح مدى تجذر مسألة تأليه الإمام علي بن أبي طالب عندهم. وللعلم فهم من الباطنية، أي إنهم لا يظهرون معتقداتهم إلا لفئة صغيرة، كما هو حال الدروز.

وفي تقرير “الحرية الدينية في العالم” لعام 2010، والذي يصدر عن وزارة الخارجية الأميركية، فإن الشيعة العلوية والإسماعيلية والإمامية الاثني عشرية، يشكلون ما نسبته (29%) من عدد سكان سوريا الذين يبلغ (22 مليون نسمة). وتعتبر الطائفة العلوية في سوريا ثاني أكبر طائفة، حيث يأتي أهل السنة والجماعة في المرتبة الأولى، ثم يأتي العلويون، فالمسيحيون فالدروز.

ويعيش الشيعة في سوريا في معظم المحافظات، مع وجود أعلى نسبة في محافظ طرطوس، وهي المحافظة التي يوجد فيها (44%) من السكان الشيعة في سوريا.

المقدسات التي يزورها الشيعة في سوريا:

مقام السيدة زينب: وهو مقام السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب، في دمشق،الذي يتوافد إليه الشيعة من أنحاء العالم.

مقام رقية بنت الحسين: يقع مقام رقية بنت الحسينفي حي العمارة بدمشق، على بعد حوالي 100 متر خلف المسجد الأموي.

مقام السيدة سكينةوكذلك مقام السيدة أم كلثوم ابنتي الحسين: ويقعان في مقبرة باب الصغير في دمشق.

أبرز قيادات الشيعة في سوريا:

عبد الله نظام، ونبيل حلباوي.

ولكن أول وأبرز عالم شيعي عمل على نشر التشيع في سوريا، كان في عام 1925، العالِم (عبد الرحمن الخيّر)، ويمكن تتبع بدايات التوجه إلى التشيع في فترة السبعينات من القرن العشرين، إلى زيارة (موسى الصدر) في عام 1974، إلى شيوخ الطائفة العلوية في جبال اللاذقية في المنطقة الساحلية من البلاد. وقد سبقه (آية الله الشيرازي)، الذي أصدر الفتوى الشهيرة، والتي تفيد أن أهل تلك المنطقة ينتمون إلى الشيعة الاثني عشرية.

ولكن لم تتحول إلى أعداد كبيرة إلا بسبب أنشطة (جميل الأسد المكثفة)، الشقيق المتدين للرئيس السوري الراحل (حافظ الأسد)، وذلك خلال ثمانينيات القرن العشرين.

فقد بدأ (جميل الأسد) بتشجيع التحوّل إلى المذهب الشيعي في المنطقة نفسها، وبخاصة بين أعضاء الطائفة العلوية، حيث بعث مجموعات من العلويين إلى إيران لدراسة المذهب الاثني عشري، وبعد عودتهم إلى سوريا نشروا العقيدة الشيعية بين زملائهم العلويين، وبنى (جميل الأسد) حسينيات في الجبال، حيث لم يكن هناك من قبل سوى أضرحة علوية، ومن أجل جعل التشيع أكثر قبولاً لدى الناس هناك، عيّن شيخاً شيعياً كإمام لمسجد الزهراء العلوي في مدينة بانياس على الساحل السوري.

وكما عمل (حافظ الأسد) بعد وصوله إلى السلطة في عام 1970، بعد أن أعرب بعض كبار رجال الدين السنة عن معارضتهم لرئاسته بسبب كونه علوياً، ولكنه تعامل معهم بدهاء حيث بدأ بحضور الصلوات في المساجد السنية، وأقام حفلات الإفطار خلال شهر رمضان لرجال الدين السنة.

وحرص (حافظ الأسد) على أن يقوم شقيقه (جميل) بتأسيس جمعية المرتضى العلوية، وهي جمعية خيرية طائفية تصبو إلى دفع أبناء السنة إلى اعتناق الطائفة العلوية. كما كان من أهداف الجمعية، إظهار أن العلويين ينتمون إلى المجتمع الأكبر من الشيعة وليسوا أقلية.

وبمساعدة كذلك (حافظ الأسد) لآية الله محمد حسين فضل الله، استطاع افتتاح مكتب في حي السيدة زينب في دمشق للتشيع، وعمل أيضاً التلفزيون السوري على بث برامج للمبشّر الشيعي العراقي (عبد الحميد المهاجر) بعد ذلك. ولكن بعد وصول (بشار الأسد) إلى السلطة في عام 2000، تضاءل تأثير (آية الله محمد حسين فضل الله)، وحلّت مكانه السفارة الإيرانية من خلال الملحق الثقافي في دمشق، ومكتب آل البيت في حلب.

وعلى الرغم من أن الرئيس السوري الراحل (حافظ الأسد) حافظ على تحالفه الاستراتيجي مع إيران، إلا أنه لم يسمح لمبادئ الثورة الإيرانية بالتغلغل في سوريا، وفي الواقع لقد قام بمنهجية وحزم بتقييد الوجود الإيراني، وذهب في بعض الأحيان إلى حد إغلاق مؤسسات ممولة من قبل إيران، بما في ذلك العيادات.

وحاول الإيرانيون الدخول إلى المناطق التي يسكنها العلويون من خلال استغلال الانتماءات الدينية المشتركة معهم، ولكن الرئيس السوري الأب اتخذ عدداً من الخطوات داخل وخارج مجتمع الطائفة العلوية للتأكد من أن محاولة إيران لاختراق سوريا لن تنجح.

وأمر الرئيس أيضاً مفتي سوريا (أحمد كفتارو)، بإنشاء مدارس للدراسات القرآنية في جميع أنحاء سوريا، بما في ذلك في المناطق ذات الأغلبية العلوية في البلاد. وسميت هذه المدارس بـ “معاهد الأسد لتحفيظ القرآن الكريم”. كما منع أيضاً إرسال الطلاب لدراسة الدين في إيران. لكن (بشار الأسد) أصدر مرسوماً يقضي بتأسيس مدرسة شرعية لتدريس العلوم الدينية وفق المذهب الجعفري (الاثني عشرية) في ريف مدينة جبلة، تحت إشراف وزارة الأوقاف.

وإضافة إلى الشيعة الأصليين، تستضيف سوريا أيضاً جالية من المهاجرين الإيرانيين الشيعة الذين يقيمون بصورة رئيسية في دمشق، فضلاً على عدد كبير من الشيعة العراقيين الذين وصلوا خلال السبعينات والثمانينات من القرن العشرين بسبب السياسات القمعية للنظام العراقي، كما زاد عدد السكان من الشيعة العراقيين في أعقاب احتلال العراق عام 2003.

ولا يتبع شيعة سوريا مرجعاً واحداً للتقليد، فالبعض يتبع (آية الله علي السيستاني) في النجف، ويتبع آخرون (آية الله علي خامنئي)، وهو أعلى سلطة دينية في إيران، وآخرون كانوا يتبعون السيد (محمد حسين فضل الله في لبنان).

وبشكل عام ليس هناك تمييز اجتماعي ضد الشيعة في سوريا، فهم مجموعة مندمجة اجتماعياً، ويتزاوجون بسهولة مع الطوائف المسلمة الأخرى. وقد وصل بعض الشيعة إلى مناصب رفيعة في سوريا، بينهم (مهدي دخل الله) وزيراً للإعلام، و(صائب نحاس) وهو رجل أعمال بارز.

بالإضافة إلى الشيعة المواطنين العرب، يوجد أيضا جالية إيرانية (شيعية) تتركز في دمشق. كما يوجد عدد كبير من الشيعة العراقيين، ويتركز الشيعة العراقيون في منطقة السيدة زينب.  والأسر الشيعية الأكثر شهرة في سوريا هي: (آل نظام، آل مرتضى، آل بيضون، وآل روماني).

وبعد اندلاع الاحتجاجات السورية عام 2011، انضم عدد من الفصائل الشيعية للقتال مع النظام، وذلك بمشاركة (22) فصيلاً شيعياً من (العراق ولبنان وإيران واليمن والبحرين وباكستان) في القتال، بحجة الدفاع عن نظام بشار الأسد. ومن أبرزها، ألوية: قمر بني هاشم، الكرار، أبو الفضل العباس، بقية الله، المعصوم، صعدة.

ثالثاً: الشيعة في اليمن

النشأة:

يعد اليمن من أقدم البلدان الإسلامية والعربية في التشيع والولاء المحض لآل البيت، ولا يزال اليمن محتفظاً بمسجد يعود تأسيسه لعام 8 هـ، على يد امرأة همدانية اسمها فاطمة، هي أول من أسلمت على يد أمير المؤمنين (علي بن أبي طالب)، ويذكر المؤرخون أن صنعاء كانت تاريخياً تضاهي الكوفة في التمذهب لآل البيت.

كما يعد اليمن أحد المراكز الأصليّة للشيعة الزيديّة، وكان الزيديّة قد تمكنوا من حكم اليمن في سنة (284هـ)، وأول أئمتهم (يحيى بن الحسين)، الذي قدم من المدينة المنورة بعد أن تمت له البيعة من قبائل همدان تحديداً، حتى عرف القسمين الرئيسيين لهذه القبيلة قديماً بلقب جناحي الأئمة الزيدية. وتناوبوا على حكمها منذ ذلك الوقت، إلى أواخر القرن الهجريّ (الرابع عشر). وكان نفوذ الزيديّة محدوداً في المناطق الجنوبيّة لليمن، إلى ما قبل القرن الهجريّ (الحادي عشر)، ثمّ امتدّ نفوذهم بعد ذلك إلى المناطق الشماليّة أيضاً.

أماكن وجود المذاهب الشيعة في اليمن:

ورد في الكتب التاريخيّة القديمة إشارات إلى أنّ العلويّين حكموا في منطقة صَعدة في اليمن، وذكر (السمعانيّ) في القرن السادس بـأن الشيعة الروافض يسكنوا في مدينة “شبام”، وذكر أبو الفداء منطقة في شمال مدينة تعز تدعى منطقة “الجند”، وقال بأنّ غالبيّة سكّانها هم من الشيعة. وأشار ابن بطّوطة في كتابه إلى منطقة تدعى “زيلع”، من مناطق اليمن، وأورد أن أكثر أهلها هم من الروافض.

المذاهب الشيعية في اليمن:

الزيدية: تنتشر في شمال اليمن فقط، وفي الحدود الشمالية المتاخمة للسعودية وبعض المناطق الشرقية بالذات، وفعالياتهم موزعة على تأسيس المراكز الإسلامية، وطبع الكتب، وتحقيقها، والأعمال الحزبية، وتدريس العلوم الدينية والمذهبية، وتشكل الشيعة الزيدية نسبة (28%) من عدد السكان.

وفي التاريخ المعاصر ظهرت ميليشيات للحركة الحوثية عام 2002، والتي تنتمي إلى المذهب الزيدي بفرعه الجارودي. حيث استطاعت هذه الحركة الوصول للسلطة في اليمن عام 2014، بعد عملية انقلابية على السلطة الشرعية، في ظل تقديم الدعم اللوجستي والمادي من قبل إيران والقيادات السياسية اليمنية التي تمثل مشروع تنفيذ استراتيجية إيران في تشييع المجتمعات العربية، وما تزال تلك الحركة في السيطرة على السلطة حتى إعداد هذه الورقة.

الاسماعيلية: يعود وجودهم إلى أيام الدولة الصليحية، والملكة (أروى بنت محمد). ويتوجد حالياً في مناطق: حراز، عراس، والفرع على الغرب من الحدود اليمنية-السعودية. إضافة إلى العاصمة صنعاء. وفعالياتهم محدودة، ولا تكاد تظهر للعيان، ومن أهمها زيارات الأضرحة والأماكن المقدسة عندهم، وإقامة مجالس العزاء في منازلهم خاصة، وفي مساجدهم المختصة بهم في مناطق (حراز) و(عراس)، وتشكل الشيعة الاسماعيلية نسبة (5%) من عدد السكان.

الاثنا عشرية: تعد مدينتا (عدن وصنعاء) أبرز مدينتين للوجود الشيعي الاثني عشري في اليمن. كما لهم وجود في مدن أخرى، مثل: الجوف، مأرب، ذمار، رداع. وتتوزع فعالياتهم بافتتاح المكتبات وإقامة المراكز الإسلامية، ونشر الكتب والأشرطة الشيعية، وطباعة الكتب والنشرات الشيعية الاثني عشرية. كما يعد الاهتمام بقضية الإمام الحسين وتخليد ذكرى عاشوراء المحزنة وإقامة مآتم العزاء ومجالس أهل البيت، النشاط الأكبر في الدعوة إلى المذهب الشيعي الإمامي الاثني عشري. ويتزايد عدد معتنقي هذا المذهب في أيام محرم وصفر ورمضان، نتيجة دور مجالس العزاء والتوعية والإرشاد. وتشكل نسبة الشيعة الاثني عشرية (2%) من عدد السكان، ومن آثار التشيع في اليمن كانت الدولة الزيدية، فهي من سلسلة الدول الشيعية هناك، وقد أسسها (الإمام الهادي إلى الحق).

أبرز قيادات الشيعة في اليمن:

بدر الدين الحوثي  كان من كبار علماء الزيدية، ويخالف عامة الزيدية، ويقول بإمامة علي

حسين بدر الدين الحوثي مؤسس الحركة الحوثية عام 2002، وتم قتله عام 2004، من قبل النظام اليمني في عهد الرئيس صالح

عبد الملك بدر الدين الحوثي    تولى قيادة الحركة الحوثية بعد مقتل أخيه حسين، ويمثل الزعيم الروحي للحركة، وما يزال في قيادة الحركة

مجد الدين المؤيدي وهو من أهم الشخصيات الزيدية في اليمن

المرتضى بن زيد المحطوري   مدير مركز بدر العلي

حمود بن عدي المؤيد     مدير مركز ومسجد النهرين

أحمد بن محمد حجر      مدير مركز الهادي

عبد السلام الوجيه مدير دار العلوم العليا

محمد المأخذي     مدير مركز القاسم بن محمد

محمد بن يحيى المداني   رئيس تحرير صحيفة الشورى

محمد بن يحيى المنصور رئيس تحرير صحيفة الأمة

إبراهيم بن محمد الوزير رئيس تنظيم اتحاد القوى الشعبية، وصاحب امتياز صحيفة البلاغ

عبد الله إبراهيم الوزير   رئيس تحرير صحيفة البلاغ

أحمد محمد الشامي رئيس حزب الحق

الشيخ محمد بن سعد الحطامي  رئيس مؤسسة الزهراء

عبد الله عبد الرحيم الشميري    رئيس فرع جمعية الإصلاح الاجتماعية الخيرية

المؤسسات الشيعية في اليمن: يدير الزيدية والداعون إلى الإمامية مجموعة من المراكز والمدارس والمساجد منها:

مركز العلي: ويقع في حي الصافية في صنعاء، ويلحق به مسجد يضم مكتبة وقسما داخلياً.

مركز ومسجد النهرين: ويقع في صنعاء القديمة.

الجامع الكبير في صنعاء: وتتبعه مدرسة، وله أوقاف وصندوق خيري لطلاب العلم، وحلقة لتدريس الفقه والأصول على المذهب الاثني عشري.

مركز الهادي في مدينة صعدة: وفيه مدرسة من طابقين ومسجد.

دار العلوم العليا في صنعاء: ويدرس الطلاب فيه على فترتين صباحية ومسائية.

مركز الإمام القاسم بن محمد، في مدينة عمران/صنعاء/ وله مسجد ومكتبة صغيرة.

المدارس الجعفرية في عدن: وتدرس على المذهب الاثني عشري.

دار أحباب أهل البيت، في تعز: وتثقف على المذهب الاثني عشري.

مؤسسة دار الزهراء، في صنعاء: وتنشر فكر أهل البيت.

المركز الصيفي في مدينة ضحيان.

مركز الثقلين، حارة الشراعي بصنعاء: ويدرس على عقيدة الشيعة الاثني عشرية.

المصدر|مركز المزماة للدراسات والبحوث

شاهد أيضاً

رابطة القلم الامريكية ادانت اعتقال مغني الراب الايراني، وفادار

أدانت رابطة القلم الأمريكية بشدة الاعتقال التعسفي لمغنية الراب الإيراني “وفا احمدبور” المعروف باسم “وفادار”، …