عذر أقبح من ذنب، هل ركع محمود صادقي؟

بعد علي مطهري الأصولي المستقل، يبدو بأن محمود صادقي النائب البرلماني عن مدينة طهران في البرلمان العاشر الذي اتخذ من الشفافية سياسة ومنهجا لنفسه، يعمل على ذلك بشكل جدي في وظيفته الرقابية. ولكن برلماني وحيد و وجود علاقات أسرية  سياسية متنفذة في البلاد و الجو السياسي الحاكم على مناصب القوة في ايران، ستكون مجموعة عوامل و أسباب تقلب على هذا النائب ظهر المجن.
 
المقاومة المدنية و التحقيق التطوعي
قاوم محمود صادقي حكم إستدعائه الغيرقانوني ولم يوافق على مرافقة قوات الشرطة التابعة للسلطة القضائية. كان يعلم جيدا بأن ذلك الإستدعاء الليلي قبيل يوم العطلة، لم يكن إجراءا قانونيا بل تم إستخدامها كوسيلة من قبل السلطة القضائية للإستهزاء بالقانون و لتحقير نائب برلماني يراقب ذلك القانون. لكن لم تمر فترة وجيزة إلا و إستجاب محمود صادقي للنصائح السياسية و تطوعا منه حضر التحقيق، و هذا يعني بأنه ليس فقط لعب في ساحة الخصم بل و ضرب أهدافا لصالح خصمه (كما في لعبة كرة القدم)، بل أعلن مقدما عن هزيمة مقاومة مدنية و قانونية. ليس مهماً ما جرى في تيار(حزب) “اميد” الاصلاحي  و ما قاله الأخوة لاريجاني بين بعضهم البعض و ما هي المبررات و البنود القانونية لحضور صادقي إلى المحكمة؛ ولكن الذي كان مهماً هو بأن هذه العلاقات الأسرية السياسية ، لعبت بصادقي و بكل ما كان صادقي يحارب من أجله.
 
عذر أقبح من ذنب
في جامعة شيراز خاطب صادقي رئيس السلطة القضائية صادق لاريجاني بأنه لماذا تقول عني ما هو “هراء”. و الإحتمال بأن صادقي كان يشير لألفاظ وسخريات قد استخدمها (لاريجاني) عنه في جلسة خاصة. هذا التعبير الذي استخدمه محمود صادقي صادف في تلك اللحظة احاسيس و مشاعر جياشة من قبل الطلاب الذين يطمحون للعدالة و تحقيق العدالة. و أيضا لم تمر إلا فترة وجيزة  إلا و ركع محمود صادقي و اعتذر من رئيس السلطة القضائية فقدم الكرة بيدية الإثنين لفريق الخصم. و إن كان قد وضح بعد أيام قلائل على حسابه في التويتر بأنه أعتذر فقط عن اللفظ الذي استخدمه مقابل الإفتراء و الإهانة التي قيلت في حقه، ولكن خلاف ما كان يتوقعه صادقي و مستشاروه، فإن الناحية الأخلاقية لهذا الإعتذار لم يلقي من الطرف الآخر إهتماما ولم تكن رسالة يأس و إحباط للمطالبين بالعدالة الذين يسمعون صادقي و كذلك أنصاره بل و من الناحية القانونية التي  يظهره اعتذاره بأنه اعتراف بالخطأ، فقد هيئ للطرف الخصم تقدمه في ساحة المباراة كلها و أن يقول النائب العام في السلطة القضائىة كلمات شديدة وكأنه يقول: “رغم اعتذاره، زاد تهمة على اتهاماته”. و يبدو بأن محمود صادقي وقع مرة أخرى في مصيدة العلاقات الأسرية السياسية الفاسدة التي تستطيع وبجدارة أن تستثمر من السياسة الأخلاقية.
 
ثلاثة نقاط و الخطأ الثالث
في جامعة فردوسي في مدينة مشهد، صادقي و امتدادا لمنهج الشفافية التي جعلها سياسة له، أعلن بأن رواتب البرلمانيون  هي من ١٧ إلى ٢١ مليون تومان. ولكن! لم تمر الأيام إلا و وضح في حسابه على التويتر فكتب بأن الراتب هو ٥.٥ مليون فقط و الباقي تذهب لأمور مثل بدل التنقلات و ايجار المكاتب و رواتب الموظفين و …الخ. فمحبي تحقيق العدالة و انصار صادقي كان لهم الحق هذه المرة أن يتسائلوا، فكم هى مصاريف تنقلات نائب برلماني؟ ولماذا تكلفة معيشة نائب برلماني تختلف كل هذا الإختلاف عن باقي المواطنين؟و كأن النقاط الثلاث التي ذكرها محمود صادقي في نهاية توضيحه عن راتب البرلماني كانت نقاطا لنهاية الشفافية التي كان يطالب بها عن راتبه البرلماني. و تراجع صادقي مرة أخري لصالح الفريق الخصم .
 
مباراة مكررة
صراحة و صدق و شهامة صادقي أمور محمودة لكن العاقبة واضحة وبينة من غير أن تقال؛ و عاقبة صادقي مكررة مع قليل من الفارق أو كثيره. و قد هيئت العوامل السلبية أو الإيجابية لمواجهة صادقي. وكان لابد من رسالة خوف ترسل من قبل البرلمان العاشر إلى الحكومة الحادية عشر.  على مايبدو بأن محمود صادقي يجب أن يكون هو الضحية هذه المرة للتناقضات السياسية للتيار المطالب بالإصلاحات و التعافي  في البلاد الإيرانية ؛التناقضات التي تظهر أحيانا في العقدين الأخيرين و في كل مرة ترجع التيار خطوة للوراء و تسمح للخصوم بالتقدم خطوة للأمام. طالما كان سقف طموحات و أمال الأحزاب الإصلاحية هو مجرد ظهور إسم السيد خاتمي في التلفزيون الحكومي أو الإعلام الإصلاحي الذي يحاول كسر الحواجز بنشر صورة للسيد حسن الخميني، بعيد كل البعد أن يكون هناك تقدم.
الكاتب: طه بارسا
المصدر: زيتون
ملاحظة: المقالات و الأراء المنشورة على موقع قناة كلمة الفارسية تنشر لإعلام القراء عن أراء الأخرين ولاتعبر بالضرورة عن رأي أصحاب الموقع

شاهد أيضاً

إيران .. نظام ولاية الفقيه في طريق مسدود!

الكاتب: عبدالرحمن کورکی (مهابادي) النظام الإيراني يحتضر. بعد 45 عامًا من حكم الملالي، أصبح الشعب …