واقعنا المعاصر وحراب الأخلاء

عبد المنعم إسماعيل

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.

عن جريرٍ قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: ((استنصتِ الناسَ))، ثم قال: ((لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضُكم رقاب بعضٍ)).جاء الحديث في الصحيحين من حديث أبي بَكرةَ، ومن حديث ابن عمر، وعند البخاري من حديث ابن عباس.

وأخرج الطبراني بسند صحيح من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((الرِّبَا اثنان وسبعون بابًا، أدناها مثل إتيان الرجل أمَّه[2]، وإن أرْبَى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه[3]))؛ (صحيح الجامع: 3537) (الصحيحة: 1871).

أحداث التاريخ الفارقة لا ينفع معها رثاء الشعراء بلا فاعلية، ولا حكمة الحكماء بلا اعتبار، ولا عقلانية العقلاء بلا منهجية، ولا منهج بلا قائد، ولا قائد بلا منهج وأتباع، ولا ما سبق بلا تدرج، ولا تدرج بلا رؤية، ولا رؤية بلا مخرجات، ولا مخرجات بلا تقييم وتقويم.

حاجتنا إلى إعادة تقييم منهج الإدارة للعقول العربية خاصة والمسلمة بشكل عام، منهج يجب الوقوف عليه من أجل تحقيق شمولية في الوعي وإدراك لمراحل الرقي في إدارة النقلة في الفهم بعيدا عن التقليد أو السقوط في شراك الاستهلاك من قبل العلمانية أو أحد روافدها في الواقع المعاصر. صناع التدفق العقلي نحو نهر أو أنهار التغيير والصلاح والإًصلاح، هم رواد لا يقل مجهودهم عن مجهود من يظنون أنفسهم حداة على سبيل الحصر والقصر، وتاريخ الشعوب يبنيه عقلاء معركة الوعي وليس آخرين ممن عشقوا السقوط أمام عجلات قطار المشاريع الدولية، التي لا تجامل مستضعف أو متهالك في جحيم التنازع أو التفرق أو هجر التدرج أو هجر مفردات الصلاح أو الإصلاح ملازمين لو هم كلية حق وهم لا يستطيع الوقوف في مواجهة جزئية باطل، يدفع بسببها كيد ماكرين وتصان بها أعراض ودماء موحدين خاصة إذا كان الخلاف أو الصراع بين شركاء في ثوابت ومتصارعين خلف متغيرات.

سقوط كثير أو البعض من أبناء الحركة الإسلامية في فخاخ الشيطنة للأخلاء أمر خطير جداً يجب الوقوف على أسباب الغلو في زوايا الرؤية للحدث القائم أو نقطة الخلاف الحادث مكراً من الخصوم لاستنزاف أولياء من مفردات التوصيف أو التوظيف الحارق للجميع.

متى يدرك أبناء العمل الإسلامي أن من المحال استدعاء عصمة لرؤية محدثة في الواقع المعاصر؟

إن حاكمية التجرد والنزاهة في الخصومة والعدل في تناول اجتهاد مصيب أو مخطئ أمر يجب أن يعلوه حب السلامة أو طلب العفو والمغفرة من الله للجميع، وهذا ليس معناه هضم الحقوق الظاهرة أو بيان الحكم في المواقف المعاصرة من خلال حال ومأل كل رؤية.

إن استدعاء خلق الهضم والهدم للعقول المخالفة فيه جناية على بقايا العقل والفهم للذات وللآخرين بل للنفس ولن ينفع معها كثرة توصيف وتوظيف لرؤية عقل من عقول الأمة في الأزمنة المعاصرة التي غالبها ردود أفعال واستجابة لمكر متجمع أمام حق متفرق.

الجهود المبعثرة خلف تحقيق الأهداف المتعددة لا تحقق نصراً ولن تنكأ مكر خصوم أو متربصين مجتمعين على هدف واحد وهو تغريب الحق بين أهل الحق ثم تغريب الحق وتغييبه أمام الحلق وكونا لن ينجحوا أبداً.. غير أن السنن تقتضي ارتباط النتائج بالأسباب من خلال قدر الله بالإملاء لأهل الجهل والجاهلية والابتلاء لأهل الإسلام والسنة حتى يستعيدوا مكانة النصوص في حياتهم وفهم النصوص في عقولهم ولو حدث كل يوم بل كل ساعة مصيبة من جرم الغرب على المسلمين لن يدفعها عشوائية أو كثرة بكاء أو تنازع أهل إسلام أمام تجمع وبغي أهل كفر وعصيان.

هل أدرك أهل الإهتمام بالعمل الإسلامي جناية الحرب الاستهلاكية للطاقات البشرية بين الأخلاء قبل الخصوم المتربصين ؟

هل أدرك عقلاء الأمة خطورة السقوط في بحار الاستنزاف من قبل الشركاء في خلاف التنوع ليستفيد منه الخصوم في خلاف التضاد ؟

هل أدرك عقلاء الحركة الإسلامية خطورة تمدد المسافات البينية كبيئة حانة للحراب التي سيتم توجيهها لصدور الأخلاء عقب تمدد نظرية العصمة للرؤية المرادة والشيطنة للرؤية المخالفة مهما كان صاحبها يجمل من تصورات ؟

هل ربح العمل لإسلامي من تمدد تيه التوصيف لواقع أو مألات حادثة لرؤى متغيرة ربحاً يستحق ادعاء الكمال في عقل لا يعصمه النص في رؤية ولا يجحده في فهم معاصر لتصور حادث أجاز الشرع له استقلالية الفهم من خلال الوقوف على ثوابت لإدارة التوصيف لمتغيرات..

ماذا بقي لشباب العمل الإسلامي ؟ المنهجية التي تستثمر الإيجابيات أم العشوائية التي تستهلك بقايا الأمل في تلاقي أخلاء لمنع تمدد حراب الاستهلاك عقب تجارب قرن من الزمان كثر عدد ضحاياها وقليل من أدرك العبر منها ولله الأمر ومن هنا نقول وكأننا في لعبة استنزاف مقومات التمكين والتي سنوفي لها بحثاً خاصا.

.. والله المستعان

إيران بوست

شاهد أيضاً

القدر

فضائل ليلة القدر

مَنْزلتها: مِن نِعَم الله – سبحانه وتعالى – على هذه الأمة أنْ جعل لها مواسمَ …